الـــــى أمي

أمي
.
.

إلى تلك السيدة العظيمة... المربية الفاضلة ... الأم الحازمة... إلى من تعلقت بتلابيب عقلي... و نسيت من أجلها روحي واسمي...إلى من يشار إليها بالبنان...هذه أم الطفلة و الفتيان...
إلى من تحملتني شهوراً طويلة... تعد الأيام و الليالي ... الساعات و الدقائق ... إلى تلك التي أحمل لها باقات الورد ...بل أجمل باقة من الورد ...باقة تشد بجمالها أنظار المارّة... و تنعش الناس بعبيرها النفاذ ... باقة حمراء اللون تدل على شدة عشقي و هيامي بهذه الأم ...
إلى أمي الحبيبة... إلى الشمس التي لا حياة لي دونها ... إلى كتابي الذي أفتحه كلّ ليلة... و أتصفحه ورقةً ورقة ... إلى قلبي الذي ينبض بالحياة ... بل إلى التي سكنت ذلك البيت الخالي الذي أسميه قلبي ... إلى من تبث في جسدي الحيوية و النشاط ... إلى من تحميني من الغزو أياً كان ... إلى من أنارت عقلي على الحقيقة ... و أبعدته عن الضلال... إلى من سكبت في قلبي قالباً من الحب والود والإخاء ... إليك أنت ... إليك يا أمي ... إليك يامن سقيتني قطرات من الوفاء ... وجعلت مني ابنةً تحبك ... وتحملك بين عينيها... و تنطبع صورتك في عقلها ... وتراك في كل مكان ... و تتخيل ابتسامتك التي تشتاق إليها ... إليك أبعث بكل مشاعر الوجد ... والحب ... إليك يامن تلئمين جروحي ... وتمسحين دمعتي ... و تواسين قلبي... إليك أقول أنني لم و لن أعرف كيف سأوفيك حقك... فمهما عبرت عمّا في قلبي ... فإن ذلك لن يساوي ثقل ذرّة من الحقيقة ... لو فتح أحدهم قلبي فستنفجر في وجهه عشرات الكلمات كلها تصفك ... لو سُئلت عمّا هو أغلى و أثمن شيء في الوجود لقلت: أمي ... ولو قلت لي أنك رأيت زهرةً في أقصى الشرق ... لذهبت اليها هرولةً متحديةً جميع الأجواء لآتي بها اليك ... ولو قيل لي أن مفتاح قلبك موجود في قلب الخطر لأسرعت أداويه و أحضره إليك سالماً معافى ... أتعلمين أنك حين تنطقين بعبارات الثناء أشعر و كأنني طائر حر خرج من أسره ولا همّ عليه ... بل و أحس كأن بلبلاً غرّد أمامي ... بل وكأن أميراً قد خاطبني ... حينما أراك و قد اكفهر وجهك حزناً ... يغتال قلبي ألم عميق ... و أشعر بعيناي وقد احتشدت العبرات عند أبوابها ... ورغم حزنك فأنا أجدك كالبحر ... أنفث فيك جروحي ... و كالدواء تلئمين حروقي... إليك أقول:...
لاتتركيني ... لاتجعليني أخوض هذه الصحراء الحارة...
فأنا مازلت في سن الطفولة...
لاتتركيني... لقسوة هذه الحياة...
لاتقذفي بي في المحيطات... ولا من الشلالات...
لاتجعليني وحيدة دون رفيق.. شريدة دون صديق...
لاتجعليني أسيرة لفؤادي...
ابقي معي ... اجلسي بجواري.. هذه أمنياتي...
و أعرف أني أغالي ... أعرف و رغم ذلك فأنا أحب الأمل... و أتشبث به.. لعلك لا تعلمين مقدار اعزازي اياك ولكن ها أنا أكتبه في هذه الأوراق لعلك تقرئينها يوماً... أحبك.